ياسر أيوب يكتب : فى الجزيرة.. شياطين وأولاد ذوات

فى أحد مشاهد فيلم الجزيرة.. وقف الفنان الجميل أحمد السقا يصرخ: «من النهارده ما فيش حكومة.. أنا الحكومة».. وتكرر نفس المشهد مرة أخرى ولكن فى نادى الجزيرة.. ووقف مسؤولو النادى الكبار يصرخ كل واحد فيهم: «من النهارده ما فيش حكومة.. أو مجلس قومى.. أو لوائح ونظام وقانون.. وإذا كان الجزيرة الفيلم قد انتهى بإلقاء القبض على أحمد السقا بتهمة الخروج على القانون وتحدى كل السلطات.. فإن الجزيرة النادى لم يشهد أى أحد يحاسب هؤلاء المسؤولين، الذين تمردوا على كل شىء وقرروا عقد الجمعية العمومية لناديهم عقب إجراء الانتخابات يوم الجمعة قبل الماضى بالمخالفة لكل القوانين واللوائح.. فقد كان من المفترض أن تنعقد الجمعية العمومية أولاً.. وأن تتم مناقشة ميزانية النادى واعتمادها أولاً.. وأن يناقش أعضاء النادى المسؤولين فى ناديهم أولاً.. وبعدها يقوم الأعضاء باختيار مجلس إدارة جديد لناديهم.. هكذا النظام حسب القانون واللوائح..

ولكن هناك فى نادى الجزيرة من يظنون أنفسهم فوق القانون.. وقرر هؤلاء إجراء الانتخابات أولا وإغلاق الصناديق ثم عقد الجمعية العمومية ومناقشة الميزانية واعتمادها أو رفضها.. وهو ما جرى بالفعل.. وكانت المفاجأة التى لم يتوقعها أى أحد هى رفض الجمعية العمومية الميزانية.. واعترض أعضاء النادى على مخالفات كثيرة قام بها أعضاء فى مجلس الإدارة.. وفى لغة القانون واللوائح، كان رفض الميزانية يعنى طرح المجلس كله للثقة، فإن لم يحظ المجلس بثقة جمعية عمومية غير عادية لا يصبح من حق أى عضو فى هذا المجلس خوض أى انتخابات لدورة واحدة على الأقل..

وبالتالى أصبح باطلا ومخالفا للقانون نجاح كثير من أعضاء المجلس الحالى للجزيرة بمن فيهم رئيس النادى، لأنه كان يتعين عليهم أولا اعتماد ميزانيتهم من أعضاء ناديهم قبل أن يخوضوا الانتخابات.. ولست هنا أناقش حالة تخص أفرادا أو ناديا بعينه حتى لو كان بين هؤلاء الأفراد أصدقاء رائعون وأعزاء جدا وحتى لو كان هذا النادى هو الأقدم والأعرق فى مصر كلها، وإنما أتوقف أمام المبدأ.. أطالب باحترام النظام والقانون، وأخشى أن يكون ما جرى منذ أسبوعين فى نادى الجزيرة سابقة، سرعان ما ستصبح سلوكا معتادا فى كل الأندية الأخرى وندخل كلنا من جديد فى نفق مظلم وطويل من انتهاكات القانون والوقوف أمام أبواب المحاكم وفوضى الإدارة والحيرة ما بين مجالس شرعية وأخرى مشكوك فى نزاهتها واستحقاقها للبقاء..

فقد علمتنا التجارب أن كل الكوارث تبدأ بمثل هذه الأخطاء الصغيرة والمخالفات القانونية وسرعان ما تعم الفوضى والخراب.. وهناك الآن بالفعل أكثر من قضية تم رفعها للمطالبة ببطلان الانتخابات الأخيرة فى الجزيرة.. كثير من أعضاء النادى الآن يرفضون السكوت أو الاعتراف بمجلس إدارة رئيسه، ومعظم أعضائه رفض النادى ميزانيتهم ولم يوافق على قراراتهم وسياساتهم المالية والإدارية، ويستندون فى ذلك إلى تقرير مراقب حسابات النادى، الذى وقف أمام الجمعية العمومية يورد أخطاء ومخالفات لا أول لها ولا آخر..

وهؤلاء الأعضاء يصرخون الآن بعدما اكتشفوا أن هناك أعمالا إنشائية فى فرع النادى فى ٦ أكتوبر تم إسنادها بالأمر المباشر.. وأن هناك عقدا غير مفهوم لتسويق العضويات الجديدة للنادى.. وعضويات أخرى تم إهداؤها دون وجه حق لأصدقاء وأقارب وفنانات.. وعقداً لإدخال الكمبيوتر إدارات النادى بتكلفة زادت كثيرا على قيمتها السوقية الحقيقية.. ويعتبر الأعضاء أن المجلس الحالى يضم من قاموا بهذه المخالفات.. وبالتالى كان لابد من إعلان ذلك أولا ومحاسبة الجميع قبل التوجه لصناديق الانتخاب.. فهل يمكن الآن إصلاح كل ذلك حتى يسترد نادى الجزيرة بريقه وريادته ومكانته، أم أن الجزيرة أكبر من أى حساب أو مساءلة؟!