ياسر أيوب يكتب : ماذا يريد هؤلاء؟

خبران صغيران وعابران كان مكانهما صفحات الرياضة خلال الأيام القليلة العادية ولم يحفل بهما أى أحد إلا أصحاب الشأن والقليلون جدا.. الخبر الأول أكد تعاقد سيف حامد، رئيس اتحاد الهوكى، مع مدرب باكستانى لقيادة المنتخب الأول على أمل التأهل إلى دورة لندن الأوليمبية.. وأشار الخبر الثانى إلى قرار هشام حطب، رئيس اتحاد الفروسية، بالتعاقد مع مدرب هولندى أو فرنسى أو ألمانى لقيادة منتخب الفروسية المصرى.. وإلى هنا يبدو الخبران عاديين جداً ولا يستحقان أن يتوقف أمامهما أى أحد..

فلا شىء غير طبيعى ولا فساد أو أى خروج على أى قواعد أخلاقية أو إدارية أو رياضية.. ويبدو أن ذلك بات هو الأمر الوحيد الذى يشغلنا ويعنينا.. التجاوزات والخطايا المالية والأخلاقية.. فإن لم تكن هناك.. فلا أحد يهتم أو يحفل بأى شىء.. وقد يكون العذر الوحيد، لنا أنه من فرط ما أصبحنا نعايش ونشهد من سرقة وفساد لم نعد نلتفت لأى شىء آخر.. تماما مثلما باتت صفة شريف تكفى جداً للإبقاء على أى مسؤول جالساً على مقعده فى أى ناد أو اتحاد رياضى من كثرة ما شاهدنا اللصوص والسماسرة والمجرمين يحتلون هذه المقاعد ولا يسلمونها إلا لمن هم أكثر إجراماً وفسادا..

ولأننى أؤمن بأن ذلك خطأ فادح وأنه يبقى من حقنا كلنا محاسبة ومساءلة أى مسؤول حتى وإن لم نكن نتحدث عن وقائع فساد أو سرقة أو رشوة.. وعلى سبيل المثال.. أبدى انزعاجى من قرار اتحاد الهوكى بالتعاقد مع مدرب باكستانى لا أعرف كم سيقبض كل شهر وهل الاتحاد الفقير هو الذى سيدفع راتبه أم المجلس القومى للرياضة.. فالهوكى فى مصر.. لعبة شديدة التواضع.. جاءتها فرصة استثنائية منذ سنين، حين نجح فريق الشرقية فى أن يضعها على قائمة الاهتمام الجماعى والرسمى والإعلامى المصرى، ثم على خريطة أفريقيا كلها..

وكالعادة بدلا من استثمار ذلك لرسم واقع جديد للعبة فى مصر بأسرها والتفتيش عن مستقبل حقيقى ومكانة ونجاحات تكبر يوما بعد يوم.. أعلن بعضهم الحرب على الشرقية وشعروا بأن كل هذه الحفلات والانتصارات لا يستحقها فلاحون غلابة فى الزقازيق.. وكان هناك مسؤولون آخرون رأوا الكعكة الصغيرة.. بطولات فى أفريقيا واهتمام من الرئيس مبارك كلاعب هوكى قديم وأخبار وصور فى الصحافة.. فقامت بينهم حروب لا أول لها ولا آخر.. بمن فيهم مسؤولو الشرقية أنفسهم.. فمات الحلم قبل أن يولد.. وبدلا من أن يأتى الاتحاد الحالى ويشرع فى ترميم القاعدة المهترئة.. ويواجه الفساد الرهيب فى مسابقات الناشئين والفرق الوهمية فى الإسكندرية والمال الحكومى الذى يجرى اهداره كل يوم.. يروح يتعاقد مع خواجة تحت زعم أنه سيقود المنتخب للتأهل إلى لندن.. وهو ما يجعلنى أضع كل دولار سيقبضه هذا الخواجة بمثابة إهدار للمال العام..

فطالما أن القاعدة مهترئة وفاسدة إلى هذا الحد فلا جدوى من أى خواجة أو ألف خواجة يتعاقد معهم اتحاد الهوكى.. وطالما أنه ليست هناك قاعدة أصلاً للفروسية فى مصر.. إنما هم أسماء بعينها لا تتغير.. فلا آفاق جديدة تم فتحها ولا قواعد جديدة تمت إضافتها ولا اهتمام حقيقياً باللعبة نفسها والعمل على فتح أبوابها لآخرين وتغيير رؤية الناس لها والتفتيش عن صغار جدد لديهم الحب والحلم والقدرة والرغبة فى أن يكونوا فرسانا..

وبالتالى ماذا سيقدم أى خواجة هولندى أو فرنسى أو ألمانى للفروسية فى مصر.. بالطبع سيبشرنا الاتحاد بأن هذا الخواجة سيقود منتخبنا، سواء لدورة لندن ٢٠١٢ أو ريو دى جانيرو ٢٠١٦، إذا أعطانا الله وإياكم العمر لنتقابل ٢٠١٧ ونتحاسب على كل الوعود والطموحات التى لم تتحقق رغم الأموال التى دفعناها لمجرد التظاهر بأننا دولة غنية لا تملك أكثر من المال تبعثره على الخواجات من كل مكان.